• الرئيسية
  • /
  • حكايات
  • /
  • لعبة القدر: بدأت بكذبة على الفيسبوك… وانتهت بزفاف العمر!
حكايات

لعبة القدر: بدأت بكذبة على الفيسبوك… وانتهت بزفاف العمر!

🟣 بداية الحكاية – "الوجه الذي لا يُنسى"

في ردهات كليتنا العتيقة، حيث تتعانق جدران العلم بأحلام الشباب، لم أكن أعتقد أن نظرة خاطفة من بعيد قد تغيّر مجرى حياتي. كنت أتنقل بين المحاضرات، أحمل دفاتري وكتبي وكأنني أحمل العالم، لكن في لحظة من اللحظات، وبينما كنت أنتظر دوري في كافيتريا الكلية، رأيته...

شاب وسيم، بملامح هادئة وابتسامة خفيفة تخطف الأنفاس، يقف يتحدث مع زملائه. لم يكن فقط حسن المظهر، بل كان يحمل شيئًا آخر، شيء لا يُوصف... ربما هو "الهيبة" أو "السكينة"، أو ربما فقط، كان هو "قدري".

بدأت أراقبه من بعيد دون أن أُشعر أحدًا، وكنت أكتفي بأن أراه يمر كل يوم، حتى أنني أصبحت أعدُّ الوقت على وقع خطواته...


🟣 همسات الفضول – "من يكون؟"

الفضول كان كالنار تحت الرماد. من هو؟ ماذا يدرس؟ هل هو مرتبط؟ هل يعرفني؟ أسئلة كثيرة لا تجد لها جوابًا.

لم أستطع أن أبقى أسيرة المشاهدة الصامتة. لجأت إلى صديقتي المقربة "سلمى"، فتاة ذكية لا تعترف بكلمة "مستحيل". قلت لها: "سلمى، أريد أن أعرف من هذا الشاب"، أشرت له من بعيد، فقالت ضاحكة:
– "أوه! هذا ريان، صديق أخي!"

توقفت الدنيا للحظة. وكأن الحياة قررت أن تفتح لي نافذة صغيرة.

قلت لها بجرأة لم أعتدها:
– "هل بإمكانك... أن تجلبي لي رقمه؟ من هاتف أخيك؟"
رفعت حاجبها بدهشة، لكنها في النهاية قالت:
– "أجل، ولكن... ماذا تنوين أن تفعلي؟"
قلت لها:
– "شيء لن يتوقعه أحد... حتى هو."


🟣 لعبة الأقدار – "حساب مزيف"

في تلك الليلة، جلست أمام حاسوبي، تملأني الحماسة والقلق في آنٍ واحد. أنشأت حسابًا باسم رجل وهمي، اخترت صورة غير واضحة لرجل خمسيني، وكتبت اسمًا رسميًا يبدو حقيقيًا. دخلت إلى حسابه، وأرسلت له طلب صداقة.

انتظرت...

بعد أقل من ساعة، وافق.

خطوتي التالية كانت جريئة... أضفته إلى بعض المجموعات التي كنتُ فيها سابقًا بحسابي الأصلي. بقيت أراقب بصمت لمدة يومين، ثم قررت تنفيذ خطتي الجريئة...

دخلت إلى إحدى المجموعات، ونشرت منشورًا من الحساب المزيف:
"⚠️ هذا الشاب الظاهر في الصورة يُعرف بسوء أخلاقه، يعاكس الفتيات في الشارع، هذا رقمه، اتصلوا به وأعطوه درسًا!"

كتبت الرقم، وضمنت المنشور اسمه الكامل، وقمت بذكره فيه.

ثم انسحبت.


🟣 القناع يسقط – "البطلة المجهولة"

بعد ساعة، دخلت بحسابي الحقيقي، وذهبت إلى المنشور كما لو أنني لا أعلم شيئًا. بدأت التعليقات تنهال، البعض يسبّه، البعض يشتم، والبعض يضحك... شعرت بوخز في صدري، لكنني تماسكت. كتبت تعليقًا هادئًا:

"يا جماعة الخير، عيب هذا التصرف. نشر أرقام الناس بهذه الطريقة أمر غير أخلاقي. لو كان عندكم مشكل مع شخص، واجهوه، لا تفضحوه. هذا لا يليق."

فوجئت بعد دقائق برد منه شخصيًا:
"شكراً لكِ على كلامكِ الراقي. لم أكن أتوقع أن يدافع عني أحد. صدقيني، لا أعرف من فعل هذا أو لماذا."

شكرني مرة، مرتين... ثم أرسل إليّ طلب صداقة.

يداي ارتجفتا.

وافقت.


🟣 صداقة مشروطة – "وجهان لعملة واحدة"

بدأتُ الحديث معه برسائل بسيطة. كان محترمًا للغاية، مثقفًا، لطيفًا. كنتُ أتظاهر أنني لا أعرفه، وأنه مجرد شاب تعرفت عليه في الفيسبوك.

لكن المفاجأة الكبرى كانت حين كتب لي في إحدى الليالي:
"أتعرفين؟ أعتقد أننا ندرس في نفس الكلية... صورتك مألوفة جدًا..."

ترددت، ثم قلت:
"ربما... فعلاً! من أي ولاية أنت؟"

فقال:
"ولاية المدية... وأنتِ؟"

قلت:
"من نفس الولاية..."

ثم بدأنا نكتشف أن بيننا أصدقاء مشتركين، وقاعات مشتركة... وحين تقابلنا أول مرة وجهًا لوجه... قال لي مبتسمًا:

"أشعر أنني أعرفك منذ زمن... لكني لا أستطيع تحديد كيف..."

ابتسمت... وابتلعت سري بصمت.


🟣 من الأكاذيب إلى الارتباط – "الخطوة التالية"

مرت الأشهر، وتوطدت علاقتنا. أصبحت أستيقظ على رسائله، وأنام على صوته. كان هو الشخص الذي تمنيته دومًا. صادق، مخلص، رجل بكل ما تعنيه الكلمة.

وفي إحدى الأمسيات، وبينما كنا نجلس في ركن هادئ من الحديقة الجامعية، قال لي بصوت خافت:

"لقد قررت أن أتقدم لكِ... أنا أحبك."

كتمت دمعتي، وابتسمت. قلت له:

"وأنا أحبك أيضاً... من قبل أن تعرف حتى أنني موجودة."


 

🔻 ماذا لو عرف الحقيقة؟ – "وجه الظل"

مرّت سنتان على زواجنا. حياة زوجية دافئة، بسيطة، مليئة بالتفاهم والمودة. لم يكن بيننا ما يعكر صفونا… أو هكذا ظننت.

لكن في ليلة هادئة من ليالي الشتاء، كنت أُقلّب هاتفي القديم بحثًا عن صورة قديمة لطفولتي، حين ظهر لي إشعار تلقائي من تطبيق فيسبوك… "هل تودين استرجاع نشاطك على الحساب: رياض.ب؟"

تجمد الدم في عروقي.

كان هذا الحساب المزيف… ذلك القناع الذي لبسته لأدخل إلى حياته.

في اللحظة التي فتحت فيها الحساب لأتأكد من وجوده، دخل ريان إلى الغرفة يحمل كوبين من الشاي وقال ضاحكًا:
– "كأنكِ رأيتِ شبحًا! وجهكِ شاحب."
فقلت مرتبكة:
– "لا لا… فقط صورة قديمة فجأتني."
اقترب ووضع الشاي بجانبي ثم جلس:
– "بالمناسبة، كنت أحكي مع صديقي حسام أمس، وتحدثنا عن تلك الحادثة القديمة... منشور الاتهام الكاذب… ما زلت أتساءل من كان خلفه. لو عرفت من فعلها سأواجهه مهما كلفني الأمر."

صمتُّ.

شعرت بجدران الغرفة تضيق عليّ. أردت أن أقول له "أنا من فعلت كل هذا"، لكن شيئًا في داخلي كان يهمس لي:
"ستخسره… إن أخبرته، ربما لن ينظر إليك بالطريقة ذاتها بعد الآن."


🟢 القرار

في الأيام التالية، لم يعد ضميري يسمح لي بالنوم.

أخذت قرارًا: سأخبره. لا أستطيع بناء حياة على سر.

في إحدى الليالي، وبينما كنا نتناول العشاء، وضعت الشوكة جانبًا، ونظرت في عينيه وقلت:
– "ريان… هناك أمر أخفيته عنك منذ بداية علاقتنا…"

رفع رأسه وركز عليّ، فتابعت:
– "أتتذكر حساب الرجل الذي نشر رقمك واتهمك زورًا؟"

أجاب:
– "طبعًا، لا أنساه أبدًا."

أخذت نفسًا عميقًا، ثم قلت بصوت مرتجف:
– "أنا… من أنشأ ذلك الحساب. كنت أنا."

سقط الصمت فجأة، كأن الزمن توقف.

حدق بي طويلاً دون أن ينطق.

قلت بسرعة:
– "كنت فتاة مراهقة، مبهورة بك، لا أعرف كيف أقترب منك. فابتكرت طريقة لأكون بطلتك… لقد ندمت كثيرًا، لكنني أحببتك بصدق."

لم يتكلم. نهض عن الطاولة، ومشى إلى الشرفة.

وقفت في مكاني، لا أعلم هل ضيّعت كل شيء… أم أن الحب الحقيقي يستطيع أن يسامح؟


🟢 الغفران – "الحب الذي لا ينهار"

بعد نصف ساعة، عاد ريان إلى الغرفة. عيناه لم تكن غاضبة، بل حزينة.

جلس أمامي وقال:

– "أنتِ خدعتني… ولكن، لم تكوني تؤذينني، بل كنتِ تبحثين عن فرصة."

ثم أضاف مبتسمًا بهدوء:

– "صدقيني… لو لم تقومي بتلك الحيلة، ربما لما عرفتك أبداً."

دمعت عيناي.

– "هل… تسامحني؟"

مد يده، ومسح دموعي، وقال:

– "أنتِ كذبتِ مرة… لكنكِ صدقتِ في كل شيء بعدها. وهذا ما يهم."

ثم عانقني… كأن القصة بدأت من جديد، ولكن هذه المرة بلا أقنعة.


🟩 النهاية – "بعض القصص لا تموت"

ربما الحب لا يحتاج دائمًا إلى طرق تقليدية.
أحيانًا يولد من صدفة، وأحيانًا من خطأ، وأحيانًا… من كذبة صغيرة حملت نية صادقة.

وها نحن اليوم… نكتب معًا فصلاً جديدًا من قصة بدأت بحيلة، وانتهت بعائلة.

اقرأ ايضاً

الآراء 0

ارسل رأيك

هل لديك استفسار؟

ارسل استفسارك