• الرئيسية
  • /
  • لهما
  • /
  • العنف اللغوي: كيف تحوّلت جسد المرأة إلى ساحة حرب؟
لهما

العنف اللغوي: كيف تحوّلت جسد المرأة إلى ساحة حرب؟

في مجتمع يربط قيمة الأنثى بغشاء بكارتها، تصبح اللغة سيفاً مسلطاً على جسدها. ليست مجرد كلمات عابرة، بل قنابل موقوتة تُفجّرها الألسن في الشوارع، داخل البيوت، وحتى في أحاديث "المزاح". فهل فكّرنا يوماً كيف يتحوّل جسد المرأة إلى ساحة معركة لغوية؟

من "بنت" إلى "مرا": عندما يقرر المجتمع مصيرك بكلمة

"وْلات مرا" جملة تُلقى على فتاة فقدت عذريتها، بغضّ النظر إن كانت ضحية اغتصاب أو زواج قسري، أو حتى بعمر الـ14. المجتمع يمنحها "ترقية" قسرية إلى عالم النساء، بينما تظل الخمسينية العذراء "بنت" في عيون الناس! المفارقة تكشف كيف يُختزل وجود الأنثى في غشاء، وكيف يُحكم عليها بلغة تشييئية تكرّس فكرة أن الزواج – أو انتهاك الجسد – هو الحد الفاصل بين الطفولة والأنوثة.

قاموس الحرب: "حواها"، "ثقبها"، "طحنها"

الأمر لا يتوقف عند التصنيف، بل يتعداه إلى تعابير تُدمي الجسد قبل الأذن. كلمات مثل "حواها" تُستعمل في الشجار كإهانة عادية، بينما "خسّرها" أو "فرعها" تحوّل جسد المرأة إلى أرضٍ مُنهَبة. الأفظع أن الضحية نفسها تُجبر على تبني لغة العنف، مثل "تكرفس عليها"، كأنها تَستجدي التعاطف بلغة المُعتدي!

اللغة كأداة هيمنة: لماذا نرفض الاعتراف بخطورة الكلمات؟

هذا الرصيد اللغوي ليس بريئاً. إنه يُحيل الجنس إلى حرب، والحب إلى غزو. اللغة هنا تصبح أداة لترسيخ الهيمنة الذكورية، حيث يُفرض على المرأة أن تعيش جسدها كـ"شرف" قابل للخسارة، بينما يُختزل الرجل في دور المغتصب أو "المنتصر". حتى العذرية تصبح "سلعة" تُفقَد أو تُحفظ، لا حقّاً جسدياً خاصاً بالمرأة.

هل نستطيع كسر هذه الآلة اللغوية؟

التغيير يبدأ بالوعي. حين نرفض تداول هذه التعابير، ونُسمّي الأشياء بمسمياتها: العنف الجنسي ليس "فضيحة" بل جريمة، والعذرية ليست مقياساً للقيمة. ربما حينها نكتشف أن اللغة التي نعتبرها "تراثاً" قد تكون سجناً من الكلمات، يُعاد بناؤه كل يوم على أنقاض أجساد النساء.

"الكلمات ليست رياحاً عابرة، بل سكاكين تُغرز في الذاكرة الجمعية" – سناء العاجي.

ما رأيك؟ هل نستحق أن نُدان بلغة تحوّلنا إما إلى "غنائم" أو "حراس شرف"؟ شاركنا نقاشك.

الآراء 0

ارسل رأيك

هل لديك استفسار؟

ارسل استفسارك